الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة زواج متعة بين وجوه رياضية وأحزاب سياسيّة تونسية: كسر للقيود أم لتحقيق غايات في نفس يعقوب؟

نشر في  13 أوت 2014  (10:51)

الى حدّ غير بعيد كان الخوض في الشأن السياسي ببلادنا أمرا غير متاح لعامة الشعب طالما أنه كان يصنّف ضمن "التابوهات" قولا وفعلا..اذ لم يتجرأ الغالبية العظمى من الشعب على الحراك السياسي في ظل استفراد بالرأي ورقابة ووصاية كبيرين.
وفي ذات السياق لا بد من المرور على قول مأثور في هذا الشأن ومفاده أن "السياسة لعبة قذرة لا تصلح بأصحاب القلوب الرحيمة" وفق آراء أهل الاختصاص طبعا ممن نهلوا في هذا الشأن، ولكن بفعل المتغيّرات الحاصلة بسرعة الصوت في بلادنا منذ ثلاث سنوات ونيف..فان الحراك بلغ أوجّه وباتت السياسة ملاذا للكثيرين وبحرا شاسعا مترامي الأطراف أغرى الكثيرين بالغوص فيه..
وفي اطار غير بعيد عن الشأن الرياضي لاحظ السواد الأعظم من متابعي المشهد انجذابا غير مسبوق لعدّة وجوه رياضية بارزة الى اللعبة السياسية، حتى بلغ الأمر خلطا كبيرا بازدواجية المهام بين الكرة والمنابر السياسية وخطابا مغايرا لنفس الشخص من مجال الى آخر في وقت ارتفع فيه مؤشّر التهامس عن توظيف سياسي غير بريء للرياضة..أو على العكس بترييض السياسة..
تونس باتت وفق هذه الآراء مخبرا للتجارب في مستهلّ المرحلة الديمفراطية..وكما رأينا بيرلسكوني في ايطاليا وبرنار تابي في فرنسا وغيرهما كثير..فاننا لاحظنا "انفجارا" رهيبا لدى بعض الأحزاب التي استقطبت عدة وجوه رياضية بتونس ربما بحثا عن استثمار شعبيتها أو لعدة مخطّطات منها تغيير النمطيّة السائدة في توزيع الخطط والمناصب القيادية..هذا دون أن نتغافل عن بعض النوايا النفعية والمصالح الذاتية لبعض الوجوه البارزة رياضيا والتي سعت الى "تجاوز" ما نسب اليها بالمحسوبية على النظام السابق بارتداء جلباب الثورية والاصطفاف وراء قيادات أحزاب ناشئة وخالية من "الدنس"...
بين الرياضة والسياسة حدث زواج المتعة في تونس وسنسرد تباعا بسطة تاريخية عن تحركات بعض "الكوارجية" والمسؤولين البارزين رياضيا ضمن عدة حركات وأحزاب أو حتى كمستقلين..طبعا دون محاكمة نوايا يبقى القارىء والمشاهد للوضع السياسي في بلادنا أحق بتقييمها وتصنيفها بتبرئة هذا وتجريم ذاك والى ما غيرها من الأحكام المألوفة حديثا..
بن غربية، الرياحي والواعر والبقية..

في انتخابات ما بعد الثورة برز مهدي بن غربية رئيس النادي البنزرتي في الحزب الجمهوري قبل أن ينشقّ عنه بالالتحاق بالتحالف الديمقراطي كما هو شأن محمود البارودي عضو هيئة قرمبالية الرياضية والذي زامل بن غربية ايديولوجيا.
وفي ذات السنة برز اسم سليم الرياحي بانشائه حزب الاتحاد الوطني الحر واستقدامه لشكري الواعر في نفس الحزب قبل "طلاق سياسي سريع للغاية" عقب محصول هزيل للحزب الفتيّ..
وفي ذات الاستحقاق نجح كمال مرجان وحزبه المبادرة في استقطاب كل من منجي بحر وصابر بن فرج..لكن كلاهما لم ينجح في افتكاك مكان بالمجلس التأسيسي خلال دائرته..عكس الرئيس الأسبق للنادي الصفاقسي صلاح الدين الزحاف الذي صعد مستقلاّ الى قبة التأسيسي حتى وان تراجعت أسهمه لاحقا..
كما خاض اللاعب السابق للنادي الافريقي والملعب القابسي والترجي الجرجيسي ياسين بوشعالة ذات الاستحقاق معوّلا على تكوينه الأكاديمي في اختصاص الحقوق.
وما دمنا مع الموجة الأولى ممن خاضوا الحراك السياسي في بلادنا لا بدّ من ايراد حالة زياد التلمساني المتعاطف فكريا وسياسيا مع الحزب الجمهوري لرئيسه أحمد نجيب الشابي وكان التلمساني واكب مرارا اجتماعات لهذا الحزب...

طارق ذياب من صانع ألعاب الترجي الى النهضة...

من جهته استأثر اللاعب الدولي السابق للترجي الرياضي والمحلل الفني الحالي لقنوات بي اين سبورت القطرية طارق ذياب باهتمام كبير عند التحاقه بحركة النهضة وابداء تعاطفه معها واستماتته في الدفاع عنها منذ أن نصّبته وزيرا للرياضة، ومن غير المستبعد وفق التسريبات الواردة من مقرّ حركة مونبليزير أن تراهن النهضة مجدّدا على طارق في احدى قوائمها للانتخابات التشريعية القادمة بعد الجدل الذي أحدثه سابقا بتصريحاته وقراراته الغريبة...

"مملكة" العياشي العجرودي تتحرّك في جميع الاتجاهات

ومن الوجوه التي طفت على سطح الأحداث عقب الثورة وأسالت كثيرا من الحبر نذكر العياشي العجرودي مؤسس حركة التونسي للحرية والكرامة، ولم يكن يعرف عن العجرودي سوى دعمه السخيّ لفرق جهة قابس، بيد أنه غيّر التكتيك في سباقه تجاه قصر قرطاج الذي استهواه كيفما اتفق كما هو شأن أخرين، ولذلك حاول العجرودي في ظرف ما استغلال أزمتي النجم الساحلي والنادي الافريقي للتقرّب من "الكبارات" في الفريقين بحثا عن منصب الرئيس وما قد يدرّه من شعبية جارفة تبقى بمثابة الأوكسجين الذي يتنفّسه الساسة لتحقيق مآربهم...

النداء يسجّل نقاطا بالجملة في شباك الرياضة

منذ صعود حركة نداء تونس على ساحة الأحداث فقد لاحقتها انتقادات كبيرة حول مأتاها الفكري ومرجعيتها السياسية وصلتها بحزب التجمّع المنحل، ولذلك فقد حادت الحركة عن المألوف باعتمادها تشكيلة "'موزاييك" من مختلف الأطياف والمجالات، ولم تكن هنا الرياضة بمعزل، فحضر مختار التليلي كعضو بارز والتحق رئيس النادي الصفاقسي لطفي عبد الناظر باجتماعات الحزب..وتم تكليف منصف السلامي بترؤس قائمة صفاقس في الانتخابات التشريعية بصفاقس ورضا شرف الدين رئيس النجم الساحلي عن نفس الحركة بجهة سوسة وأيضا الرئيس الأسبق لأولمبيك مدنين البشير بن عمر الذي سيمثّل النداء خلال الانتخابات القادمة بصفته رئيس قائمة في ولاية مدنين..هذا دون أن نتغافل عما يدور في الكواليس عن اسمي فريد عباس الرئيس الأسبق للنادي الافريقي وكذلك حمدي المدّب رئيس هيئة الترجي واللذان يتردّد في شأنهما أن أحدهما قد يمثّل نداء تونس في جهة تونس عبر احدى قائمتيها للانتخابات القادمة...
وجائما مع كواليس الحركة التي يترأسها الباجي قائد السبسي، فقد صرّح الرئيس السابق للنجم الساحلي حافظ حميّد مرارا بأنه ينضوي تحت لوائها..

تحالفات ونوايا غير معلنة

بعيدا عن كل ما أدرجناه من أسماء في هذه الورقة، فان الثابت أن تحرّكات الساسة ستستقطب أسماء أخرى قد تتفادى المجاهرة بطموحاتها ومواقفها وتضامنها مع هذا الحزب أو ذاك لغايات خاصة..فمنهم من يريد حقّا منح تصورات ونفس جديد لهذا الحزب أو ذاك خدمة للبلاد ومنهم أيضا من وظّف السياسة لأغراض يبقى الله وحده أعلم بها بين مجالين يصحّ فيهما القول انهما وجهين لعملة واحدة...

اعداد: طارق العصادي